المحتوى هو الملك – بيل جيتس عن صناعة المحتوى
ترجمة للمقالة الأصلية التي كتبها بيل جيتس عام 1996
نقدّم لكم المقال الّذي كتبه بيل جيتس عام 1996 “المحتوى هو الملك” و الّذي تحدّث فيه حينها عن أهميّة المحتوى في جني المال مستقبلاً عبر الانترنت. هذا الكلام يتمّ تأكيده يوميّاً في وقنا الحالي، على الأقلّ من قبل السياسات التي تتبعها جوجل في ترتيب نتائج البحث. حيث أنّ العديد من أصحاب المواقع و المدوّنات و التطبيقات قد يحاولون النجاح باستخدام أساليب الخداع أو نشر محتوى خال من القيمة أو استخدام أساليب “غير قانونيّة” كالبلاك هات سيو (و الّذي سنتحدّث عنه لاحقاً في مقالات أخرى). لكن سرعان ما يكتشفون أنّ التركيز على عمليّة صناعة المحتوى هو المفتاح لمشروع الكتروني ناجح.
قم بتقديم محتوى قيّم لزوّارك إن كان ما تقدّمه هو خدمات أو منتجات أو معلومات الخ. و تركيزاً منّا في أراهوستر على هذه القيم، قمنا بترجمة هذه المقالة التي كتبها أحد أهمّ شخصيات القرن – بسبب النّجاح الّذي حقّقه بشركة مايكروسوفت – عن مستقبل صناعة المحتوى.
المقالة الأصليّة باللغة الانكليزيّة تجدونها على موقع Wayback Machine أو على موقع Craig Bailey. لم نجد نسخة من المقالة الأصليّة لدى أيّ موقع تابع لمايكروسوفت للأسف، لكن هذه المقالة هي الكاملة والأصليّة التي كتبها بيل جيتس و هي الّتي قمنا بترجمتها.
نتمنّى لكم قراءة ممتعة
المحتوى هو الملك – بيل جيتس 01/03/1996
المحتوى هو الطريقة التي أتوقّع أن يتمّ من خلالها جني الكثير من الأموال الحقيقيّة على الانترنت، تماماً كما كان الأمر في البثّ التلفزيوني.
أدّت الثورة التلفزيونيّة التي بدأت قبل نصف قرن إلى ظهور العديد من الصناعات، بما فيها تصنيع أجهزة التلفاز. لكن الرّابح الحقيقي كان أولئك الذين استخدموا تلك الوسيلة لنشر المعلومات و المواد الترفيهيّة.
عندما يتعلّق الأمر بشبكة تفاعليّة مثل الانترنت، يصبح مفهوم “محتوى” واسعاً جداً. على سبيل المثال، تعدّ برامج الكمبيوتر شكلاً من أشكال المحتوى المهمّ للغاية، والّتي ستبقى الأكثر أهميّة بالنسبة لمايكروسوفت.
لكن الفرص الواسعة لمعظم الشركات تنطوي على توفير المعلومات أو الترفيه. الشركات بكلّ أحجامها يمكنها المشاركة.
أحد الأشياء المثيرة حول الانترنت هو أنّ أيّ شخص لديه جهاز كمبيوتر و مودم يمكنه نشر أيّ محتوى يقوم بإنتاجه. نستطيع القول أنّ الانترنت في العالم السمعي البصري هو ما يعادل آلة النسخ. إذ يسمح بنسخ المواد و تكرارها بتكلفة منخفضة، بغضّ النّظر عن حجم الجمهور.
كما تسمح شبكة الانترنت بتوزيع المعلومات في جميع أنحاء العالم بتكلفة هامشيّة صفريّة للناشر تقريباً. الفرص رائعة، و العديد من الشركات تضع خططاً من أجل صناعة المحتوى على شبكة الانترنت.
على سبيل المثال، اتّفقت شبكة التلفزيون NBC مع شركة Microsoft مؤخّراً على دخول مجال العمل الإخباري التفاعلي معاً. ستمتلك الشركتين شبكة الأخبار MSNBC، و خدمة أخبار تفاعلية على الانترنت. ستتكلّف NBC بالجانب التحريري للمشروع المشترك.
سنشهد منافسة شديدة تتضمّن فشل و نجاح على مستويات عالية في جميع أنواع صناعة المحتوى
بيل جيتس
أتوقّع أن تشهد المجتمعات منافسة شديدة – ستتضمّن فشل و نجاح على مستويات كبيرة – في جميع أنواع صناعة المحتوى ليس فقط البرامج و الأخبار، بل الألعاب أيضاً و الرامج الترفيهيّة، البرامج الرياضية، أدلَة المواقع، الإعلانات المبوّبة و المجتمعات الافتراضيّة المتخصصة في الاهتمامات الأكثر شعبيّة.
المجلّات المطبوعة لها قرّاء ذوي اهتمامات متشابهة. من السّهل تخيّل أنّ هذه الجماهير ستتمّ خدمتها عن طريق تقديم إصدارات إلكترونيّة عبر الانترنت. لكن لكي تكون ناجحة على الانترنت، لا يمكن للمجلّة أن تأخذ ما هو مطبوع و تنقله كما هو إلى المجال الإلكترونيّ. إذ لا يوجد عمق أو تفاعل كافٍ في المحتوى المطبوع للتغلّب على التحدّيات الّتي ترافق الوسيط الرقمي.
إذا كان متوقّع من الناس أن يستخدموا الكمبيوتر من أجل قراءة ما على الشاشة، فوجَبَ أن تتمّ مُكافأتهم بمعلومات عميقة و حديثة للغاية يمكنهم استكشافها أينما و وقتما يشاؤون. سيكونون بحاجة لتوفّر صوت، أو حتّى فيديو. سيريدون فرصة للتدخّل الشخصي، أكثر من تلك المقَدَّمة من خلال صفحات “رسالة إلى الكاتب” في المجلّات المطبوعة.
سؤال يتردّد لدى الكثيرين قد يكون ما نسبة نجاح الشركات التي تخدم اهتماماً معيّناً في مجال المجلاّت المطبوعة أن تنجح في الانتقال إلى صناعة المحتوى في العالم الرقمي؟ و هنا يصبح مصير بعض المجلات المطبوعة بكامله موضع تساؤل و تهديد.
سيصبح مصير بعض المجلّات المطبوعة بكامله موقع تساؤل و تهديد
بيل جيتس
على سبيل المثال، أحدَث الانترنت ثورة فعليّة في تبادل المعلومات العلميّة المتخصّصة. فالمجلّات العلميّة المطبوعة تميل إلى كونها ذات تداول ضيّق المستوى، مما يجعلها باهظة الثمن. المكتبات الجامعيّة تشكّل أيضاً جزءاً لا يتجزّأ من هذا السوق. هذا السوق يعاني من الطريقة البطيئة و المكلفة و الغير فعّالة لتوزيع المعلومات على جمهور محدّد، لكن لم يكن هنالك بديل.
بدأ الآن بعض الباحثين في استخدام الانترنت لنشر الأبحاث العلميّة. هذه الممارسة تشكّل تحدّياً لمستقبل بعض المجلّات العلميّة المطبوعة الموقّرة.
سيكون بمرور الوقت اتّساع نطاق المعلومات على الانترنت هائلاً، و هو الأمر الذي سيشدّ الانتباه إليه أكثر. على الرّغم من أنّ الاندفاع يقتصر في الوقت الحاليّ بشكل أساسي على الولايات المتحدة الأمريكيّة، أتوقّع أن يجتاح العالم مع انخفاض تكاليف الاتّصالات، و توفّر كميّة جيّدة من المحتوى المحلّي في البلدان المختلفة.
لكي تزدهر شبكة الانترنت، يجب أن يكون للعاملين في صناعة المحتوى مردود مالي. التوقّعات على المدى البعيد ايجابيّة من هذه النّاحية، لكن أتوقّع الكثير من خيبات الأمل على المدى القصير، حيث تكافح الشركات الصانعة للمحتوى لكسب مردود مالي من خلال الإعلانات أو الاشتراكات. هذا الأسلوب لا يعمل بعد، و قد لا يعمل لبعض الوقت.
يجب أن يكون للعاملين في صناعة المحتوى مردود مالي لكي تزدهر شبكة الانترنت – لكن أتوقّع الكثير من خيبات الأمل على المدى القصير
بيل جيتس
معظم الأموال و الجهد المبذول في صناعة المحتوى التفاعلي و نشره حتى الآن على الأقل، ليس أكثر من مجرّد عمل حبّي، أو محاولة للمساعدة في الترويج للمنتجات الّتي يتمّ بيعها في العالم غير الرّقمي. غالباً ما تستند هذه الجهود إلى الاعتقاد بأنّه مع مرور الوقت سيكتشف شخص ما كيفيّة الحصول على الأرباح من خلال هذه المنصّة.
مجال الإعلانات يبدو واعداً على المدى الطويل. يتميّز الإعلان التفاعلي بأنّ الرسالة الأوليّة تحتاج فقط لجذب الانتباه بدلاً من نقل الكثير من المعلومات. يمكن للمستخدم النّقر على الإعلان للحصول على معلومات إضافيّة، و يمكن للمُعلن قياس ما إذا كان الناس يقومون بذلك.
بلغت اليوم عائدات الاشتراكات و الإعلانات على الانترنت بين 20 و 30 مليون دولار في المجموع – و هو رقم منخفض للغاية. دائماً ما يكون المعلنون متردّدون قليلاً باستخدام أيّ وسيلة إعلان جديدة، و الانترنت بالطّبع شيء جديد و مختلف تماماً.
قد يكون هناك ما يبرر بعض التردّد من جانب المعلنين، ذلك لأنّ العديد من مستخدمي الانترنت يفضّلون عدم رؤية أي إعلانات. أحد الأسباب هو أنّ العديد من المعلنين يستخدمون صوراً كبيرة تستغرق وقتاً طويلاً للتحميل عبر اتصال شبكة الهاتف. يشغل إعلان في المجلّات المطبوعة مساحة أيضاً، لكن يمكن للقارئ قلب الصفحة المطبوعة التي فيها الإعلان بسرعة من دون أي تأثير على تجربة القراءة نفسها.
مع زيادة سرعة الاتصال بالانترنت، سيتضاءل مستوى الانزعاج لدى المستخدم عند انتظار تحميل الإعلان حتّى يختفي تماماً، لكن هذا بعد عدّة سنوات.
أولئك الّذين سينجحون، سيدفعون بالانترنت إلى الأمام كسوق للأفكار و التجارب و المنتجات، سوق للمحتوى – حيث المحتوى هو الملك!
بيل جيتس
تقوم بعض شركات صناعة المحتوى بإجراء بعض التّجارب فيما يخصّ الاشتراكات، و غالباً بإغراء المستخدم ببعض المحتوى المجاني. مع ذلك فهو لأمر صعب، لأنّه بمجرّد فرض رسوم على الاشتراك، ينخفض عدد الزوار بشكل هائل، و الّذي بدوره يُضعف قيمة الإعلان بالنّسبة للمعلنين.
أحد الأسباب الرئيسيّة الّتي تجعل من الدفع مقابل المحتوى لا يعمل بشكل جيد لحدّ الآن هو أنّه من غير العملي طلب مبالغ صغيرة. إنّ تكلفة المعاملات البنكيّة الإلكترونيّة و صعوبتها تجعل من غير العمليّ فرض رسوم أقلّ من ممّا يعتبر رسم اشتراك مرتفع نسبيّاً. و لكن في غضون سنة، سيتمّ تطبيق الآليّات التي ستسمح لصانعي المحتوى بطلب سنت واحد أو بضعة سنتات مقابل المعلومة. إذا قررت زيارة صفحة تكلف نيكل واحد، فلن تضطرّ لكتابة شيك أو استلام فاتورة عن ذاك النيكل. كل ما عليك هو تصفّح ما تريده، و أنت تعلم أنّه سيتمّ محاسبتك على مجموع الصّفحات الّتي قمت بزيارتها.
هذه التكنولوجيا ستمكّن النّاشرين من تحصيل مبالغ صغيرة من المال، على أمل جذب جماهير واسعة.
أولئك الّذين سينجحون، سيدفعون بالانترنت إلى الأمام كسوق للأفكار و التجارب و المنتجات، سوق للمحتوى – حيث المحتوى هو الملك! –
إذا كنت مهتمّ بقراءة المزيد من مقالاتنا المتعلّقة بالثقافة التقنية، قم بالاشتراك بالقائمة البريديّة ليصلك كل جديد!
المقالة عبارة عن ترجمة بتصرف للمقالة Content is King by Bill Gates، جميع الحقوق محفوظة لـ بيل جيتس لدى شركة مايكروسوفت © 2001.