- اهم المشاكل التي تواجه المشاريع الناشئة
- كيفية حل ومواجهة هذه المشاكل
المشاريع الجديدة غالباً تبدأ بالحماس و عدم توقع الفشل. ولكن بدون معرفة أسباب فشل المشاريع السابقة و التعلّم غالباً هذه المشاريع ستنتهي بخيبة أمل كبيرة.
و مع الأسف أنّ القاعدة هي أن تفشل المشاريع في تحقيق مبتغاها و النّجاح هو الاستثناء. حيث أنّ العديد من المشاريع لا تكمل السّنتين من العمل حتى تكون قد باءت بالفشل.
تذكر بعض الإحصائيات أنّ 20% من المشاريع الصغيرة تفشل في أول سنة، 30% في السنة الثانية و 50% في السنة الخامسة تبعاً لموقع Fundera
لذلك السّؤال الآن: ما هي أسباب فشل المشاريع الناشئة؟
و مع العلم أنّ لكل مشروع خصوصيته، و ما من قالب موحد لعمل مشروع ناجح، إلّا أنّنا سنعرض هنا بعض أهم عقبات و أسباب فشل المشاريع الناشئة:
1. المشاريع غير واضحة الهدف:
من الواضح أنّ عدم تحديد الهدف بدقّة يعني عدم التأكد من الوصول له أو لا حتى بعد القيام بكل شيء. و بالتالي يعتبر أحد أبرز أسباب فشل المشاريع.
إذ لا تعلم بالضّبط ما تحاول تحقيقه، وبالتالي هو وصفة سحرية لفشل المشاريع.
إضافة إلى ذلك هذا يسمح لوابل من الإجراءات العشوائية التي تخدم عدّة أهداف في آنٍ معاً و التي قد تكون غير مترابطة، مما يؤدي الى ضياع المشروع بينها.
بالإضافة إلى ذلك إنّ جوهر الهدف هو قابليّة القياس و الواقعيّة.
حيث أنّ الأهداف الفضفاضة والغير قابلة للقياس مثل ( بيع المنتجات ) لا تسمح بمعرفة مدى التّقدّم، وبالتّالي التّعديل بالوقت المناسب، أمّا الأهداف المحدّدة مثل (سأبيع منتج ما كل يوم )قابلة لذلك.
2. ضعف التّواصل ضمن فريق المشروع:
التّواصل بين فريق العمل هو من أهم العوامل التي قد تساهم في نجاح أو تكون من أسباب فشل المشاريع.
فإنّ ضعف التّواصل بين الأفراد سيؤدي إلى عدم تناسق العمل.
بالتّالي عدم معرفة مهام كل فرد مما يؤدي إلى قيام بعض الأفراد بتكرار مهام زملائهم، أو عدم قيام آخرين بمهام معينة لأنهم ظنّوا أنها تخصّ غيرهم من الفريق.
فمثلاً يظن المدير التّنفيذي للمشروع أنّ الإدارة المالية من مهامه، وفي نفس الوقت يظن المدير المالي ذات الأمر مما يؤدي إلى تضارب بالمهام وهذا يظهر أهميّة التّواصل بين الفريق لفرز المهام.
و يجب ألّا يكون هناك أي عذر لأي شخص في الفريق لعدم معرفة من يجب الاتّصال به و متى و كيفيّة الاتّصال.
3. المشاريع غير واضحة الرؤية:
إحدى أهمّ أسباب فشل المشاريع التجارية هو عدم تحديد رؤية واضحة للعمل.
من الضّروري إنشاء نظام يوفر رؤية شاملة لكل مهام المشروع، وليس للمدير فقط، بل لكل العاملين على المشروع.
ولضمان رؤية واضحة عند كل اعضاء الفريق للمشروع ينصح بإنشاء نظام إدارة للمستندات الجديدة.
مثال بسيط على ذلك: استخدام أحد تطبيقات التنظيم و التواصل عن بعد لمشاركة المستندات الجديدة والمستجدات الاخرى أيضاً بشكل آني، بحيث يكون كل أعضاء الفريق على اطّلاع عليها فور نزولها.
ومن الجدير بالذّكر أنّ التّواصل القويّ بين اعضاء الفريق يصب في دعم وضوح الرؤية.
4. المشاريع ضعيفة القيادة :
القيادة أمر بالغ الأهميّة، و لا ينبغي لمدير المشروع أن يشتكي من خروج الفريق عن السّيطرة، و لا ينبغي ترك الفريق لا يعرف ماذا يفعل و كيف يتصرف، فهذا التّردد ضربة قاضية للمشروع و من أبرز أسباب فشل المشاريع.
و لكن بنفس الوقت لا يجب الثّبات على الخطة الأولى، بل يجب التّحلي بالمرونة للتكيّف مع المتغيرات.
فمثلاً عندما يلاحظ المدير وجود تراخي بالعمل بحجة ما، يجب أن يضع حداً حاسماً لذلك دون تراجع أو تعديل، أمّا عند حدوث ظرف طارئ عندها يمكن تغيير جزء من خطّة المشروع للتأقلم مع المستجدات مع الحفاظ على أساسيات المشروع وأهدافه.
5. عدم الإحساس بالانتماء لفريق المشروع:
يجب على العاملين على المشروع أن يشعروا بأنّ هذا المشروع هو مشروعهم، حيث إنّ شعورهم بأنّ هذا العمل لشخص آخر و لا يعنيهم يؤدي إلى التقاعس و الإهمال.
و يتم غرس شغف العمل على المشروع بجعلهم يشعرون بملكيته ،و ذلك عبر منحهم الصّلاحيات وبنفس الوقت جعل كل فرد مسؤول عن مهامه.
فعلى سبيل المثال عندما يكون المدير متفردا باتّخاذ القرارات الكبيرة منها والصغيرة ينقص حس المسؤولية لدى الفريق وبالتالي ينقص شغفهم للعمل.
أمّا عند منحهم الصلاحيات سيغامرون باتّخاذ قرارات، وسيعنيهم جداً إذا ما اتّخذوه كان صائباً أم لا.
و من الجدير بالذكر هنا أنّه يجب تحديد القضايا التي يمكن للفريق البتّ بأمرها دون الرجوع للمدير، و القضايا الرئيسيّة التي لا بدّ من العودة له قبل اتّخاذ القرار بخصوصها.
6. المشاريع التي تعاني من ضعف إدارة ميزانيّة :
المشاريع التي تتجاوز ميزانيتها بـ 10% أو أقل فهي تعمل بشكل جيد و قابل للإصلاح أكثر من مشاريع تجاوزت 40-50% من ميزانيتها (أي عندما تصبح كلفة المشروع أكبر من المخطط له).
فمثلاً مشروع كلفته حسب الخطة 1400 يورو وعلى ارض الواقع كلف 1500 فهو قابل للاصلاح، أي احتمال سد الإرادات المستقبليّة لهذه الثّغرة أكبر من احتمال سد ثغرة مشروع آخر كان حسب الخطة 1400 وفي الواقع كلف 2000.
في حين أنّ مشروع ما قد كلّف حسب الخطة 1400 وكلّف بالواقع 3000 فهو فاشل بكل المقاييس.
و تتم إدارة الميزانية بتحليل و رقابة و مراجعة إسبوعية، حيث أنّ الفريق الذي يعلم أن المدير دوما على اطّلاع على الشؤون المالية للمشروع، و يعلم بتعرضه للمسائلة عند أي محاولة للاختلاس لن يحاول العبث بالموارد المالية.
ويجب أيضاً محاولة تصحيح الأخطاء و الاستغناء عن النفقات غير الضرورية عند ملاحظتها بالمراجعة.
7. المشاريع التي تعاني من نقص في إدارة الموارد:
تتضمن إدارة المشاريع إدارة و تخطيط الموارد، و إن غفل إدارة الموارد سيؤدي إلى نضوبها بأي لحظة.
أو على الأقل وضعها في أماكن أقل أهمية و اكتشاف ذلك عند الحاجة لها في اماكن فائقة الأهمية.
هنا لا نقصد فقط الموارد الماليّة (الميزانيّة) وإنّما كل موارد المشروع مثل:
_الموارد البشريّة (موظفين مدراء… ).
_ المكان (المكاتب، المساحات).
_ التقنيّات و المعدّات (حواسيب، اجهزة اتّصال).
_ الموارد المعرفية (مصادر المعلومات، الخبراء، التدريب).
فمثلا عند الظن بأنّ عدد الحواسيب كبير، سيتم وضع عدّة حواسيب في غرفة، ومع مرور الوقت سنرى أن هناك غرف لا تحوي أي حاسوب، وقد يكون لوجود الحاسوب بها أهميّة أكبر من الغرف الأخرى، وبالتالي إدارة الموارد تقينا من مشاكل كهذه.
8. العمل خارج المجال كأحد أسباب فشل المشاريع :
أحد أسباب فشل المشاريع أيضاً هو الانحياز عن هدف المشرع الأساسي و مجاله.
الرّقابة على مجال المشروع امر بالغ الاهميّة، و يجب ألّا يتجاهلها مدير المشروع، فهي تعد من واجباته الاساسية.
حيث أنّ إهمالها غالباً يؤدي الى عمل اضافي غير مدفوع الاجر، و غير مخطط له يقود المشروع الى تجاوز كبير للميزانية مع مرور الوقتف.
مثلاً عند القيام بمشروع لبرمجة الحواسيب (السوفتوير) وكان لدى احد العملاء مشكلة برمجية ومشكلة بالعتاد الصلب أيضاً (الهاردوير)، فتبديل القطعة أو معالجة أمر العتاد الصلب يعتبر خارج مجال المشروع.
رغم التّقارب الشّديد بين الأمرين إلاّأن عند عدم وضع صيانة الهاردوير ضمن مجال المشروع أي ضمن خطته سيجعل من التعامل معها خروجا عن المجال، ومن الممكن ان يؤثر سلبا.
و من البديهي أن جملة “هذا العمل خارج مجالنا” لن تعجب العميل عندما يطلب شيئاً جديداً.
في الواقع من النادر ان نجد مشروع يخلو من بعض العمل خارج مجاله.
و لكن أن يكون للمشروع مجال عمل محدّد و واضح من البداية يوفر الشّفافيّة للعميل لمعرفة الخدمات المقدمة، وأيضا يساعد في تحديد المبالغ الإضافيّة عند العمل خارج المجال.
9. التوقعات غير الواقعية للمشاريع:
كمدير للمشروع يجب عليك معرفة ما يمكن أن ينجزه الفريق وخلال أي مدى زمني، وبناءً عليه تضع التّصورات والتّوقعات.
حيث أنّ التّوقعات غير الواقعية ستؤدي الى اصطدام بما ستؤول اليه الأمور، وبالتالي ضعف الثقة بالعناصر. و بالتالي تعتبر من أسباب فشل المشاريع.
و بالمقابل وجود توقعات واقعيّة تمنح فرصة أكبر للفريق لإنجاز المشروع بنجاح على نمط “إذا أردت أن تطاع، اطلب المستطاع”.
فمثلا توقع انجاز بناء من 100 طابق خلال يوم يعد ضربا من الجنون، ولا يجب مطالبة الفريق به ومحاسبتهم على عدم انجازه، أما توقع انجازه خلال اسابيع او أشهر أمر ممكن .
10. عدم القدرة على إدارة المخاطر التي تواجه المشروع:
إدارة المخاطر ينظر لها كعمل مستقل و ليست جزء من عملية التخطيط، ولكنها ذات اهميّة بالغة.
فالمخاطر هي امكانيّة حدوث شيء خطير بالمستقبل نتيجة توقع خاطئ لنتائج عملية ما. و محاولة تحيلي احتمالات حدوثها ستساعد في تقليل فرصة فشل المشروع والحد من أسباب فشل المشاريع.
تشمل إدارة المخاطر:
1_تحديد المخاطر (المخاطر الأكثر احتمالاً- توثيق المخاطر).
2_قياس المخاطر( تقييمها و تفاعلها مع المشروع و تاثيرها على نتائج المشروع).
3_تطوير الاستجابات ( الخطوات التي يجب القيام بها لرد او تخفيف هذه المخاطر)
4_ التحكم في رد المخاطر أي تغيراتها طوال فترة المشروع.
و عدم القدرة على إدارة المخاطر تعني عدم التّفكير بالمستقبل، و التّنبؤ بالمشاكل المحتملة و معالجتها.
وعندها ستصبح هذه المشاكل أمراً واقعاً و ستؤدي إلى تشويش الفريق.
فمثلاً تم توزيع ميزانيّة العمل على الاحتياجات المطلوبة بالتّساوي، ولكن بعدها ظهر أمر جديد يستدعي صرف جزء من الميزانية له، فعندها يجب صرف الجزء الخاص به دون أن يلحق ضرر كبير بباقي الأقسام.
اقرأ أيضاً مقالنا عن كيف تبدأ مشروعك التجاري على الانترنت
“هؤلاء الذين لا يتذكّرون الماضي محكوم عليهم بإعادته” ، جورج سنتيانا.
و لهذا أوجزنا فيما سلف أشيع الاخطاء التي وقع بها اصحاب المشاريع في الماضي، علنا نستفيد منها في المستقبل.
وكما أسلفنا لا يوجد وصفة سحرية او طريقة للقيام بمشروع مثالي او لتجنب الاخطاء، و انما لكل مشروع خصوصيته.
حيث ممكن ان بعض الاخطاء الصغيرة أن تتفاقم و تتفاعل لتخلق مع بعضها مشاكل كبيرة في المستقبل.
ولكن من ناحية أخرى فان الحرص الزائد على الاتزام بالقواعد خشية الوقوع بالخطأ، سوف لن يقودك لمكان.
حيث أنّ الشّخص الوحيد الذي لا يخطئ هو الشّخص الذي لا يعمل، أيّ أنّ الأخطاء جزء من العمل و التّعلّم.